الشركة الأهلية لصناعة علب الكرتون .. اسم مشرق خطته الإرادة
تم النشربتاريخ : 2017-01-23
من بين ملايين الأفكار والاحلام التي تطرق باب خواطرنا يوميا, قليلة جدا هي الأحلام التي تصبح واقعاً ملموساً، وحدهم أصحاب الإرادة الصلبة والتخطيط السليم هم القادرين على رعاية احلامهم ومنحها الوقت والجهد وتزينها بالصب، وحدهم هؤلاء من يبرمون اتفاقاً مع الأمل وتتجاوز أعينهم كل العقبات، من يؤمنون أن الحروف التي لا تخط بحبر التصميم لن تصمد كثيراً أمام تحديات الزمن, ولأنهم هم ولأن حلمهم كان الشركة الأهلية لصناعة علب الكرتون أصبح الحلم اليوم واقعاً مشرفاً لمن رعاه ومن آمن به ولمحافظة الخليل والوطن أيضاً.
الانطلاقة ..فكرة
كما كل البدايات كانت فكرة, كما يروي الأستاذ محمد نافذ الحرباوي رئيس مجلس إدارة الشركة الأهلية لصناعة علب الكرتون، انطلقت عام 1970 وفي أوج ازدهار صناعة الأحذية في مدينة الخليل آنذاك.
أما هذه الفكرة فقد كانت وليدة حاجة, الحاجة الى علب الكرتون لاحتواء منتجات قطاع الأحذية, الذي كان قد تجاوز حينها 100,000 جوز يومياً, ولما كانت العلب تأتي من إسرائيل في ظل غياب مصنعاً لها في الضفة الغربية, بدأت ترجمة هذه الفكرة لواقع ملموس, حيث قاموا كأفراد عائلة بعمل مصنع صغير في احد بيوت شارع الشهداء يعمل على انتاج علب الأحذية المصنوعة من الكرتون, أما بداية التصنيع فقد كانت بسيطة وتعتمد على الأداء اليدوي وبمشاركة جميع أفراد العائلة, وكل منهم يرى أن الأحلام تستحق العناء والتعب وان الإنسان كلما كان سخياً في عطاءه لأهدافه كافأته بمزيد من النجاح وبمزيد من الفرص.
مسيرة التطور
بقي المصنع يعمل بشكل يدوي حتى عام 1973 حين استطاعوا أن يدخلوا ماكينة تعمل بشكل نصف أوتوماتيكي, حتى أنهم في حينها ولضعف امكانية مد اشتراك خط كهرباء صناعي, كانوا يستعينون على تشغيلها بجارهم النجار الذي كان يمدهم بالكهرباء حتى يستطيعوا تشغيل الماكينة لبضع ساعات .
وبعد عام تم نقل المصنع لشارع واد التفاح مقابل مدرسة وداد ناصر الدين حالياً, حيث كانت المنطقة شبه خالية في حينها, وفي عام 1976 تم استيراد أول خط إنتاج ايطالي لعلب الكرتون وبدأ تطوير العمل بشكل تدريجي .
تحديات طوعتها الحكمة
يقول الحرباوي في عام 1978 كان هنالك مصنعين يعملان في صناعة علب الكرتون أحدهم المصنع الخاص بنا أما الآخر فكان بمثابة النصف الآخر لخط الإنتاج الذي كنا نملكه, مما شكل عائق أمام تطوير جودة العمل او حتى خلق منافسة حقيقية في العمل، وبعد تفكير مطول, اتخذ قرار دمج المصنعين ليصبحا لاحقا الشركة الأهلية لصناعة علب الكرتون, رغم أن ذلك لم يكن سهلاً, ورغم صعوبة تحقيق هذا القرار في ظل تمسك كل طرف بحقه في امتلاك عمله الخاص المستقل, إلا انه توج مع الاصرار والتفاهم والحكمة بدمج المصنعين في نفس العام تحت لواء الشركة الاهلية والتي اختصت في صناعة علب الأحذية، وتم نقلها لمنطقة شارع السلام وادخال خطوط إنتاج جديدة أكثر تطوراً حتى سنة 1991.
مرحلة التخطيط والتطوير
تم إنشاء مبنى كبير وأكثر تطورا في منطقة فرش الهوى والذي لا زال حتى اليوم مقر الشركة الرئيس, ومن هذه النقطة بدأ التخطيط الفعلي الأكثر جديةً ودراسةً ومواكبةً للتطور الحاصل في مجال إنتاج علب الكرتون، وفي عام 1996 تم ادخال أول ماكينة طباعة متطورة, وفي عام 1998 تم إدخال ماكينة القص والتحديد، وتم إدخال ماكينة تحضير العلب الاوتوماتيكية عام 2000 لتسهيل العمل وزيادة انتاجيته .
بعض التحديات تولد الفرص
في ظل تراجع صناعة الأحذية في الخليل تدريجياً، بدأ القائمون على الشركة بالتفكير بخطوط انتاج جديدة من شأنها أن تعوض هذا التراجع، وأصبح التوجه نحو انتاج علب الكرتون لكافة المنتجات الفلسطينية من حلويات وشكولاتة وسكاكر وغيرها الكثير، وهذه الخطوة عملت على اتساع سوق توزيع منتجات الشركة, وفي السنوات الأخيرة استطاعت الشركة ان تدخل ماكينات حديثة جداً ومتطورة بشكل ملحوظ, جعل من الشركة الأهلية لصناعة علب الكرتون اليوم من أقوى الشركات المنافسة في السوق الفلسطيني وضاعف من انتاجيتها حتى اصبحت اليوم قادرة على انتاج مئات الاف العلب بشكل يومي تماشياً مع متطلبات السوق الفلسطيني وتلبية لحاجاته.
الشركة الأهلية اليوم ..
تقوم الشركة الأهلية لصناعة علب الكرتون اليوم بتوزيع إنتاجها للسوق الفلسطيني وصولاً لقطاع غزة والأسواق العربية المجاورة، ولعل ما يميز هذه الشركة التي أصبحت رمزاً للجودة والتميز في مجالها, بحيث أنها حافظت على اختصاصها في صناعة علب الكرتون ولم تغير توجهها بل ركزت جهودها في تطوير الإنتاج في هذا المجال, ولتبقى مرجعية تجارية اصيلة لأصحاب المصانع والمنتجين الفلسطينيين، خاصة وان الشركة ساهمت من خلال زيادة الاهتمام في تصميم وشكل علب الكرتون في تطوير المنتجات الفلسطينية بشكل عام من منطلق حرصها على اظهار المنتج الفلسطيني بأحسن صوره وأجملها، بالإضافة لحرص القائمين عليها على مواكبة كافة التطورات العصرية في العالم في هذا المجال واستخدام طرق الترويج الرقمية الحديثة من وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، والحرص على ضخ روح الشباب واستثمار طاقاتهم في هذا المجال بشكل مستمر .
عناصر النجاح وأسراره ..!
قد يعتقد البعض أن النجاح في هذه الحياة ما هو إلا ضربة حظ, وقد يقول آخرين أنها ظروف وصدف, إلا أن الأهداف وتحقيقها لا يكون بمحض الصدف ولا بقرارات الظروف ولا حتى بضربات الحظ, وان اجمع البعض على ذلك, وذلك لسان حال من لم يعطوا أحلامهم حقها, وأضلوا الطريق الصحيح لدرب الأحلام وتحقيقها, أما النجاح إن كان على مستوى الفرد أو المؤسسة, والاهم من النجاح هو الحفاظ عليه لجعله مورثاً تتناقله الأجيال, لا يكون إلا بالإصرار والالتزام والعمل الدؤوب.
يقول الحرباوي, أن الحياة وطريق الأحلام ليس معبداً بالزهور والورود, وعلى المرء بعد الاتكال على الله أن يكد ويتعب ويجتهد في سبيل الوصول الى هدفه, فهو أول من شارك في عملية الإنتاج, وأول من يشارك في توزيع منتجاته متنقلاً بين كل محافظات الوطن.
تلك الخلطة السهلة الممتنعة التي لا زال يستخدمها الاستاذ محمد نافذ الحرباوي ليحافظ على حلمه ومكانه الذي كان جليا أمام عينه قبل اكثر من 40 عام ، فهو كما يقول كان يرى الشركة في وضعها الحالي وحتى ما وصل له شخصياً بشكل واضح قبل سنوات طوال, ليس نوعاً من التطير أو استقراء للمجهول, ولكنه إيمان حق بالأهداف والأحلام، ونتاج صبر وحكمة يفتقد لها الكثير من الشباب اليوم .
وهذا أهم ما يمكن ان ينصح به الشباب لكي لا تبقى أحلامهم ضرباً من خيال, أو يفقدوا صبرهم في لحظة استسلام لتحديات النجاح التي لا تنتهي، فلولا هذه الشبكة المتكاملة من مقومات النجاح الهامة التي يصر الحرباوي على انه اكتسبها بشكل تراكمي على مدى سنوات حافلة بالتجارب والعقبات والنجاحات أيضاً, لما كانت اليوم الشركة الأهلية لصناعة علب الكرتون حاضرةً وبهذه القوة.